يتناول الكاتب في هذا البحث إشكاليّةً من إشكاليّاتِ المشتقّات في اللغة العربية باعتبارها سِمةً رئيسةً في لغةٍ ورثت خصائصَ شقيقاتِها المشرقيّات السّاميات، ونظرًا لانسحاب هذه الإشكاليّة على عملية صناعة المعجم العربيّ؛ نراه يغوصُ في نظريتي ابن جني، وأحمد بن فارس، فيعرضُ لهما مقدّمًا تعريفاتٍ وشروحاتٍ دقيقةً لمفهوم الاشتقاق الكبير الذي يقوم عند ابن جني على مبدأ القَلْبِ أو التّقاليب السّداسيّة والبحث عن معنى مشترك تتقاطعُ حوله تراكيبُ الأصلِ اللّغوي، وكذلك لمفهوم المقاييس والدّلالات المحورية عند أحمد بن فارس الذي يحصر الدّلالةَ في الجذر اللّغوي الواحد، بترتيب حروفه وليس بتقلّباته.
ومن خلال المقارناتِ الجدولية للدّلالاتِ المحورية، يقدّم الباحثُ أدلّةً مُتعدّدةً من الواقع الْمعجمي تخالفُ ما جاء به ابن جني في موضوع المعنى المشترك لتقليبات الأصل اللّغوي.
كما يتَتَبّع باكورةَ مفهوم المقاييس عن كلٍّ من ابن قتيبة والمبرّد، وكيف تطوّر إلى نظرية مستقلّة انفرد بها أحمد بن فارس وخصّص لها معجمًا يحملُ اسمها(المقاييس)، ثم يتقصّى أثر هذه النظرية (نظريةِ ابن فارس) عند الصّاغاني، ومن ثمّ عند مجمع اللغة العربية القاهريّ الذي تبنّى نظريةَ ابن فارس وجعلها ركيزةً أساسًا في معجمين من معاجمه: المعجم الكبير، ومعجم لغة الشّعر العربيّ؛ فيلحظُ هِناتٍ وقع فيها كلٌّ من ابن فارسٍ ومجمع اللغة العربية على السّواء، إن من حيث إهمال الدّلالة المحوريّة للعديد من الجذور، أو من حيث تذبذب المنهجية المعتمدة واختلافها بين معجم وآخر…
يقدّر الكاتب في هذا البحث الجهود الكبيرة التي بذلها علماء اللّغة في هذا المجال، إلا أنّه ينتقد تشتّتَ جهود المعجميين العرب الذين يعملون من خلال جهاتٍ ومجامعَ لغويّةٍ شتّى تفتقر إلى التنسيق فيما بينها.. كما يختم بحثه بدعوة صريحة إلى تضافر جهود اللّغويين والمجامع اللّغوية، من أجل إيجادِ معاجمَ عربيّةٍ أفضل.
الباحث نجاد حسن الطويل حماده |
طالب دكتوراه في اللغة العربية وآدابها _ فصل سادس في جامعة الجنان – لبنان Najad Alttaoeel |
Nijad.hamade@amsi.ae Id@students.jinan.edu.lb https://orcid.org/0009-0002-6932-7477 |