دراسة انثروبولوجية
ملخص البحث : لعل “الماء” كتيمة ذات حمولات فكرية ورمزية في ذهن الإنسان الشعبي المغربي، كان ولا زال بالنسبة له رمزاً للخير والخصب والطهر تارة، ومصدراً للخوف والرعب عند كثرته التي تتحول إلى طوفان يقضُّ مضجعه تارة أخرى. لقد شكل الماء على الدوام قوة قهر الإنسان الغرباوي ونقطة ضعفه، ومن خلال ذلك استمدت هذه المادة الحيوية قدسيتها ودورها البارز في صناعة المجال الحيوي للأولياء والصالحين بمنطقة الغرب… إذ تُعدّ الكرامة المائية أحد ثوابت المعتقدات الاجتماعية وبنياتها العميقة، التي استمدت فعاليتها من القدسيّ الذي أكسبها الديمومة والاستمرار في دينامية الفكر الديني الشعبي الذي يطغى عليه الإيمان بالخوارق، لتصبح الخرافة ذات موقع راسخ، وتحقق الولاية الترقي إلى واقع أسمى ارتبط إلى حدّ الألوهية.. فارتباط الماء بالكرامة جعله رمزاً للحياة والخلود والطهارة والتواضع والعلم، فيما صار الثاني رمزا للكمال والقدرات الخارقة التي يفتقدها الإنسان العادي..
من هنا جاءت دراستي لموضوع “طقوس الماء في التراث الشعبي المغربي منطقة الغرب نموذجاً”، فرصة للنبش في الطابوهات المحظورة، والبحث في المعرفة المائية للإنسان الشعبي ببعديها الوجودي والأنثروبولوجي، جاعلاً من الماء “واقعة ثقافية” متعددة الدلالات والرموز، ومفتاحاً لقراءة وفهم عقلية هذا الإنسان الشعبي. فهي في عمقها دراسة تبحث عن العلاقة الطقوسية التي تجمع بين الإنسان والماء، تلك العلاقة التي أنتجت ثقافة مائية انعكست بشكل مباشر في إبداعاته الشعبية، ونحتت عقليته وأطرت سلوكاته..
الكلمات المفتاحية: رمزية الماء؛ التراث الشعبي المغربي؛ المتخيل الشعبي المغربي؛ الطقوس الشعبية المغربية.
د. إدريس لخضر ، باحث بمختبر التراث الثقافي؛ جامعة ابن طفيل بالقنيطرة – المغرب