إن للدوال اللغوية في الخطابات عموما، وفي الخطاب القرآني على وجه الخصوص حمولة حجاجية، تتجلى في بنية الأقوال ذاتها، صوتيا، وصرفيا، وتركيبيا، ودلاليا، ولعلّ خطاب أهل الكتاب من أهم أنواع الخطابات في القرآن الكريم، بما يتضمنه من قيم حجاجية، كامنة في بنية الأقوال وتسلسلها واشتغالها داخل الخطاب، إلا أن اهتمامنا سيتجه إلى الوقوف على بعض الآيات من سورة آل عمران، بغاية استثمار مخرجات الدرس الحجاجي في دراسة بناها اللغوية، وما تحتويه من روابط وعوامل تنهض بمهام حجاجية، في شكل معالجة لإشكالية رئيسية: ما مميزات الحجاج القرآني؟ وما الآليات الحجاجية التي يمكن رصدها في الآيات القرآنية؟ وهل تتجلى في لغة القرآن الكريم الوظيفة الحجاجية التأثيرية، التي نزعم أنها تتضمن فعل الحجاج تضمنا ذاتيا، من داخل لغة النص، وليس من خارجها؟
اعتمدنا في درلستنا آليات المنهج التحليلي والترتيبات الإجرائية التداولية، بهدف رصد الملامح الحجاجية في الخطاب القرآني الموجه لأهل الكتاب، وخلصنا في خاتمة بحثنا إلى جملة من النتائج أهمها أن استثمار مخرجات الدرس الحجاجي الحديث من شأنه الوقوف بنا على المظاهر الإقناعية في النص القرآني، وأنه باب من أبواب إثبات الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم، وأنه آلية حوارية تستكشف النص ولا تكرهه، في إطار التخصص المفضي إلى العمق والتركيز، بعيدا عن التعميم والتعويم، الناتج أحيانا عن تداخل الفنون والعلوم.
الكلمات المفتاحية: حجاج، خطاب، القرآن، أهل الكتاب.
د. مختار حسيني ,الجزائر