مجلة ريحان للنشر العلمي مجلة علمية، محكمة، شهرية، مفتوحة الوصول
يُعتبر الجاحظ بحق مؤسّس علم البلاغـة العربيّة التي يقـوم النّقد الأدبي على كثير من أصولها، فهو أوّل أديب عربيّ توسّع في دراسة هذا العلم، وأعطاه الكثير من نشاطه الأدبيّ والفكريّ، وجمع ما اتّصل به من آراء سابقيه، فهو قارئ متعمّق للتّراث الأدبيّ وكذلك للتّرجمات الّتي تمّت عن اليونانيّة. وشهدت الثّقافة كذلك في القرن الخامس الهجريّ -وعلى عهد عبد القاهر الجرجانيّ- قمّة نضجها، فاستقامت فروعها، وكانت حركة التّرجمة بها قد آتت ثمارها في نضج الثّقافة ووصلها بحركات الثّقافة الأخرى. فعبد القاهر الجرجاني قارئ متعمّق للتّراث الأدبيّ وكذلك للتّرجمات الّتي تمّت عن اليونانيّة، وهذا مثبت في مؤلّفاته الّتي تشير إلى جانب الاستفادة العلميّة عن ذوق أدبيّ، ونقديّ مرهف يتمتّع بهما.
ومداخلات ابن حزم الأندلسي(456 هـ) في النّقد كثيرة، دالة على سعة إطّلاعه، واستعابه للتّراث الأندلسيّ الشّعري، وذكائه الذّاتي وعصاميته، وذوقه المرهف، وكذا دراسته للفلسفة، والمنطق. وحبّه للأندلس، ودفاعه عنها، واطلاعه على موروث المشارقة. فهو ينظر إلى الشِّعر على أنّه ظاهرة إنسانيّة أشد تعلّقا بالدّنيا، وهذا ما تجلّى بدقّة في نقده الأدبيّ.
وعلى هذا الأساس جاءت هذه الدّراسة لتلقيَ الضّوء على هذه المرحلة المهمّة للنّقد الأدبيّ، والتي أسّست لما بعدها وكانت بمثابة المرتكز للمهتمين بالمجال. ونهدف من خلالها الى تبيان جماليات المعنى الّتي وقفنا عليها في حقيقة (نظريّـة التّمكين في كتب البلاغة عند الجاحظ وعبد القاهر الجرجاني)، وكذا في دلالة (معيار الأخلاق في بلاغة ابن حزم الأندلسيّ)، وقد ارتكزت الدراسة على المنهج التاريخيّ الوصفيّ لنستنتج من خلالها أنّ نظريّة التّلقي نشأت محدّدة الافتراضات، والمنهج، والنتائج مع الدّراسات البلاغيّة العربيّة، ولها أصول أيضا في الدّراسات التي دارت حول فكرة الإعجاز القرآنيّ، ونتائجها صالحة لتُعمّم على الفنّ كله، ذلك أنّ صلتها القويّة بالمعنى في إنتاجه، وتلقيه تجعل منها نظريّة ممكنة التّطبيق في شتّى ميادين الفنّ.
الكلمات المفتاحيّة: الجاحظ، بلاغـة عربية، نقد أدبي، قارئ متعمّق، تراث أدبي، عبد القاهر الجرجانيّ، القرآن الكريم، ذوق أدبيّ، ابن حزم الأندلسي، تراث أندلسيّ، شعر، مذهب فقهيّ.
الباحثة:سعدية حملات ,الجزائر
